من الملاحظ في فترة الحكم العثماني أن السلطة العثمانية لم تعارض إقامة اليهود في اراضيها ولكنها كانت تعارض هجرتهم غليها من الدول الأخرى والتوجه إلى فلسطين تحديدا. فمنذ البداية أصدر الباب لعالي التعليمات إلى قناصله بابلاغ اليهود الراغبين في الهجرة إلى فلسطين، بعد السماح لهم بالاستيطان في فلسطين كأجانب، وأن عليهم اكتساب الجنسية العثمانية والالتزام بالقوانين السارية في الولايات العثمانية التي يرغبون الإقامة فيها. ولكن برغم من ذلك كان هناك ازدياد ملحوظ للنشاط الاستيطاني اليهودي في فلسطين وذلك بطرق ملتوية من خلال دعم القناصلا الاجانب لهم، ومن خلال تقديم الرشاوي لموظفي الحكومة العثمانية الذين رضخوا في بعض الحالات إلى الضغوط المستمرة والملحة. كذلك لم يتوان اليهود يوما عن محاولات شراء الاراضي و إقامة المستوطنات عليها.
وعد بلفور : بعد انتصار القوات البريطانية على الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى بقيادة الجنرال البريطاني اللنبي تدخل فلسطين عهد جديد، هو الانتداب البريطاني. في عام 1908 قدم الوزير البريطاني اليهودي هربرت صموئيل مذكرة اقتراح تنص بتأسيس دولة يهودية في فلسطين تحت اشراف بريطاني، شارحا الفوائد الاستعمارية التي ستجنيها بريطانيا من قيام هذه الدولة في قلب العالم العربي والقريبة من قناة السويس. وبدأت المباحثات في شكلها الرسمي بين الحكومة البريطانية والزعماء الصهيونيين، وبعد عدة جلسات صدر تصريح بلفور في عام 1917م.
الاحتلال البريطاني: كان لا بد لبريطانيا أن تكون هي الدولة المنتدبة على فلسطين لتسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين ومن ثم تحقيق وعد بلفور. وفي عام 1918 وقبل أن تكمل القوات البريطانية احتلالها، كان قد وصل إلى فلسطيناللجنة الصهيونية برئاسة حاييم وايزمان ومهمته تحقيق هذا الوعد.
في عام 1920 انهت بريطانيا الحكم العسكري، وأحلت محلها الإدارة المدنية وتم تعيين الوزير البريطاني اليهودي هربرت صموئيل أول مندوب سامي على فلسطين. وقد عمل الكثير في سبيل تسهيل شؤون الصهاينة. وفي عام 1922 صدرت وثيقة صك الانتداب عن عصبة الأمم المتحدة وتضمنت مقدمة الصك نص تصريح بلفور ومصادقة عصبة الأمم على الإنتداب البريطاني لفلسطين.
عام 1936 دعت بريطانيا إلى مؤتمر عقد في لندن، اجتمعت فيه بريطانيا بوفود من الدول العربية بما فبها فلسطين والوفد الصهيوني كل على حدى، ولكن المؤتمر فشل. واصدرت بريطانيا عقب انتهاء المؤتمر الكتاب الأبيض لسنة 1939، ومن اهم بنوده أنه حددد الهجرة اليهودية بخمسة وسبعين ألف مهاجر خلال الخمس السنوات التالية، وأقامت حكم ذاتي للفلسطينيين خلال عشر سنوات. وتمسك الكتاب الأبيض بمبدأ تصريح وعد بلفور. وبطبيعة الحال رفضه الفلسطينيون كما رفضه اليهود أيضا.
تقسيم فلسطين: في نيسان من عام 1947 أحالت الحكومة البريطانية ملف القضية الفلسطينية إلى الامم المتحدة وأعلنت أنها تعتزم على إلغاء انتدابها في مهلة أقصاها 15 مايو 1948. وفي 28 نيسان شهدت منظمة الأمم المتحدة لأول مرة فتح ملف القضية الفلسطينية.
وفي 29 اكتوبر 1947 عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعا، وجرى التصويت على مشروع كان قد قدم مسبقا بشأن تقسيم فلسطين إلى دولتين علربية ويهودية. ووقف إلى جانب التصويت 33 دولة من بينها الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وفرنسا. وصوت ضد القرار 13 دولة، وامتنع عن التصويت 10 دول من بينها الصين.
والمشروع يقسم فلسطين إلى دولتين يهودية وتشمل 56.4% من أراضي فلسطين، وعربية تشمل 46.6% من أراضي فلسطين. مع العلم ان العرب حينها كانوا يملكون 94.4% من أراضي فلسطين واليهود كانوا قد استوطنوا في الجزء الباقي من أرض فلسطين. والأكيد أن اليهود رحبوا بهذا القرار، وبالمقابل أعلن العرب الثورة المسلحة ضد تنفيذ هذا المشروع المجحف بحقهم.
الاحتلال الإسرائيلي: عندما أصبح القرار البريطاني واضحا بانهاء الانتداب في 15 من مايو 1948 أعلن اليهود تطبيق الجزء الخاص بقيام الدولة اليهودية وفق خطة التقسيم قبل يوم واحد من ذاك التاريخ في تل ابيب" يعلن تاسيس الدولة اليهودية في فلسطين وتسمى دولة اسرائيل، وهي مفتوحة لهجرة اليهود من كل دول الشتات".
في 15 مايو من العا نفسه دخلت الجيوش العربية الحرب (العراق، سوريا، لبنان، شرق الاردن، مصر) لمساندة الفدائيين الفلسطينيين وعرب ممن كانوا يحاربون القوات اليهودية من نوفمبر 1947. ولكن أخفق العرب في منع تأسيس هذه الدولة المغتصبة، وانتهت الحرب باتفاقيات هدنة مرتبة من الأمم المتحدة بين اسرائيل ومصر والأردن وسوريا.
وحتى تحقق اسرائيل حلمها بابتلاع الارض قامت بافزاع السكان المدنيين واجبارهم للهروب لضمان سيطرتهم بسلسلة من المجازر. وحدثت النكبة وهجر اكثر من ثلاثمائة الف فلسطيني من بيوتهم. وبالتالي تكون اسرائيل احتلت جزء اكبر من الاقليم المخصص لها بقرار التقسيم.
وفي حرب الايام الستة سنة 1967 اكملت مخططاتها بالسيطرة على كامل أرض فلسطين، بالاضافة إلى سيناء ومرتفعات الجولان
الثلاثاء فبراير 02, 2016 9:26 pm
موضوع: العصور والحضارات المتعاقبة على فلسطين ومسيرة الانبياء على ارضها (4) 
الإثنين يناير 25, 2016 10:35 pm